تحضير درس العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغيرهم للسنة الثالثة ثانوي

تحضير درس العلوم الاسلامية العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغيرهم للسنة الثالثة ثانوي

تمهيد

شملت رعاية التشريع الإسلامي كل من يعيش في ظلاله، و جعل العلاقة بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى مثالية و خاصة أهل الكتاب، حيث أمر المسلمين بالعدل و البر بهم، و أباح الزواج منهم، و حرم الظلم، و توفير الأمن لهم، و التعايش السلمي.

اختلاف الدين

إن كل ذي دين، بل كل ذي مبدأ يؤمن بأنه على الحق، و أن من عداه على الباطل، . فهو يؤمن بدينه ومبدئه، ويكفر بما سواه، وهنا تنجلي حكمة الإسلام وعظمته في معاملة غير المسلم برغم اعتقاد المسلم بكفره.
ولب هذه الحكمة تتمثل في أن الإسلام زود المسلم بفلسفة معينة أو بمفاهيم فكرية تزيح من صدره النفور والغضب والضيق بغير المسلمين، وتفتح له باب حسن العشرة معهم، والبر بهم، و الإقساط إليهم، فإن الله يحب المقسطين.

وأهم هذه المفاهيم هي :

- 1 اعتقاد كل مسلم بكرامة الإنسان، أيا كان دينه أو جنسه أو لونه. قال تعالى: ((ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا))[الإسراء/ 70
هذه الكرامة المقررة توجب لكل إنسان حق الاحترام والرعاية. و من الأمثلة العملية ما روي عن جابر ابن عبد الله: (أن جنازة مرت على النبي صلى الله عليه وسلم فقام لها واقًفا، فقيل له: يا رسول الله، إنها جنازة يهودي! فقال: "أليست نفسا؟!") [رواه : البخاري]، و لكل نفس في الإسلام حرمة ومكان.
فما أروع الموقف وما أروع التفسير والتعليل!
- 2 اعتقاد المسلم أن اختلاف الناس في الدين واقع بمشيئة الله تعالى، الذي منح هذا النوع من خلقه
.[ الحرية والاختيار فيما يفعل و يدع
- 3 ليس المسلم مكلًفا أن يحاسب الكافرين على كفرهم، أو يعاقب الضالين على ضلالهم، فهذا ليس إليه، و ليس موعده هذه الدنيا، إنما حسابهم إلى الله في يوم الحساب، وجزاؤهم متروك إليه في يوم الدين. وبهذا يستريح ضمير المسلم، ولا يجد في نفسه أي أثر للصراع بين اعتقاده بكفر الكافر، ومطالبته ببره و الإقساط إليه، و إقراره على ما يراه من دين واعتقاد.
- 4 إيمان المسلم بأن الله يأمر بالعدل، و يحب القسط، و يدعو إلى مكارم الأخلاق، و لو مع المشركين، و يكره الظلم و يعاقب الظالمين، و لو كان الظلم من مسلم لكافر. 

حقوق غير المسلمين في بلد الإسلام

حق الحماية :
فأول حقوق أهل الكتاب في الإسلام حمايتهم من كل عدوان خارجي، فإذا اعتدي عليهم وجب على
المسلمين الدفاع عنهم، وواجب أيضا على الدولة المسلمة أن تحمي الأقلية من الظلم الداخلي، فلا يجوز
العدوان عليهم بأي شكل من الأشكال، والآيات والأحاديث متضافرة في تحريم ظلم غير المسلمين كقوله
صلى الله عليه وسلم: (من ظلم معاهدا، أو انتقصه حًقا، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير
طيب نفس منه؛ فأنا حجيجه يوم القيامة) [رواه أبو داود و البيهقي].

ومن أنواع هذه الحماية :

- حماية الدماء و الأبدان : اتفاق العلماء على أن دماء أهل الذمة محفوظة، و الاعتداء عليها كبيرة من
الكبائر؛ لقول الرسول صلى الله عليه و سلم: "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، و إن ريحها ليوجد
من مسيرة أربعين عاما" [رواه البخاري وأحمد].

- حماية الأموال : وهذا مما اتفق عليه المسلمون في جميع المذاهب، و في جميع الأقطار، و مختلف
العصور. و يبلغ من رعاية الإسلام لحرمة أموالهم وممتلكاتهم أنه يحترم ما يعدونه - حسب دينهم-
مالا و إن لم يكن مالا في نظر المسلمين.

- حماية الأعراض : وعرض الذمي محفوظة في الإسلام كعرض المسلم، فمن اعتدى عليهم ولو
بكلمة سوء أو غيبة، فقد ضيع ذمة الله، و ذمة رسوله صلى الله عليه و سلم، و ذمة دين الإسلام.
- التأمين عند العجز و الشيخوخة والفقر : بل يضمن الإسلام لغير المسلمين "كفالة المعيشة الملائمة
لهم ولمن يعولونه؛ لأنهم رعية للدولة مسلمة وهي مسئولة عن كل رعاياها، قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( كلكم راع و كل راع مسئول عن رعيته ) [متفق عليه]، و رأى عمر بن الخطاب شي ً خا
يهوديا يسأل الناس لكبر سنه، فأخذه إلى بيت مال المسلمين، وفرض له و لأمثاله معاشا، وقال: "ما
أنصفناه إذ أخذنا منه الجزية شابا، ثم نخذله عند الهرم" ! وعمر رضي الله عنه بذلك و ضع قانون
الضمان الاجتماعي للمسلمين وغير المسلمين.

- حق التدين :

و من تلك الحقوق أن الإسلام لم يكره أهل الذمة على اعتناق الإسلام، فلكل ذي دين دينه و مذهبه،
لا يجبر على تركه إلى غيره، و لا يضغط عليه ليتحول منه إلى الإسلام. و أساس هذا الحق

- حق العمل و الكسب :
كما كفل الإسلام لغير المسلمين حق العمل والكسب؛ فلهم كل الأنشطة التجارية المشروعة من بيع
وشراء وإجارة ووكالة وغيرها، قال آدم ميتز: "و لم يكن في التشريع الإسلامي ما يغلق دون أهل الذمة
أي باب من أبواب الأعمال، و كانت قدمهم راسخة في الصنائع التي تدر الأرباح الوافرة".

- حق تولي و ظائف الدولة :
ولم يمنع الإسلام أهل الذمة من تولي وظائف الدولة؛ لأنه يعتبرهم جزءا من نسيج هذه الدولة، كما أنه
لا يحب لهم أن ينعزلوا، ولأهل الكتاب تولي كل الوظائف إلا ما غلب عليه الصبغة الدينية كالإمامة
ورئاسة الدولة والقيادة في الجيش، والقضاء بين المسلمين، والولاية على الصدقات ونحو ذلك.
وما عدا ذلك من وظائف الدولة يجوز إسناده إلى أهل الذمة إذا تحققت فيهم الشروط التي لا بد منها من
الكفاية و الأمانة و الإخلاص للدولة.

أسس علاقة المسلمين بغيرهم
لقد ذكر القرآن الكريم أسس هدا التعايش في مواضع ثلاث و هي :

1/ التعارف :

إذًا لا يمكن أن يرى المسلم إنسانا غير مسلم، وتكون أول بادرة منه هي أن يدير له ظهره ويهرب منه،
ليس لسبب سوى أنه غير مسلم، فلا يكّلمه، بينما لا توجد أية مشكلة بينهما، فلعلّ هذا التعرف يقرب
قلبه منه، ولعّله يرتاح إليه، فتكون فرصة لكي يطلع على أخلاق الإسلام. فالتعارف بين المسلم وغير
المسلم مرحلة أساسية لا بد منها.

2/ التعايش : ليس من المعقول أن لا يعيش المسلم إ ّ لا في جو إسلامي. وليس ذلك مطلوبًا في شريعة
الله إ ّ لا حين يخاف المسلم على نفسه أو على دينه. ولم يفعل ذلك المسلمون بل فعلوا عكسه، وكانوا
يسافرون إلى البلاد غير الإسلامية ويتعايشون مع أهلها بأخلاق الإسلام، وكان ذلك سببًا في دخول كثير
من هذه الشعوب في الإسلام. وقد حدد الله سبحانه وتعالى أساس هذا التعايش
إذا لم يبدأ غير المسلم بحرب، و لا أخرج المسلم من دياره، و لا ظاهر على إخراجه، فهذا إنسان
يجوز أن تعيش معه، و عند ذلك يجب عليك أن تلتزم بالبر و القسط.

3/ التعاون : تحدث الرسول صلى الله عليه و سلم عن "حِلف الفضول" وكان ذلك في الجاهلية، حيث


اجتمع رؤساء قريش و زعماؤها و تعاهدوا فيما بينهم على: مساعدة الضعيف، و إغاثة الملهوف،
و مساعدة المحتاج، إلى ما هنالك من مكارم الأخلاق، وحضره رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال
في الإسلام بعد ذلك: (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حِلفًا ما أحب أن لي به حمر النِّعم، ولو
أُدعى به في الإسلام لأجبت) [سنن البيهقي].
يجوز لنا إذًا أن نلبي دعوة لغير المسلمين، و نتعاون معهم على ما يعود علينا و عليهم بالخير.

4/ الروابط الاجتماعية : خلق الله سبحانه و تعالى البشر وأقام بينهم روابط متعددة، يتعاونون بها على
شؤون الحياة، وحولها يتلاقون. مسلمين وغيرهم.من هذه الروابط :

أولا : رابطة الإنسانية : وهي التي تربط بينك و بين كل إنسان على وجه الأرض،، فأنت من ذرية آدم
و هو من ذرية آدم، و أنت إنسان وهو إنسان كذلك. والإنسان مكّلف من عند الله بتكليف واحد، سواء
امتثل لهذا التكليف أم لا. ولذلك تجد الكثير من آيات القرآن الكريم توجه الخطاب للناس جميعًا :
((..يا أيها الناس..)).
و قد ورد لفظ (الناس) أكثر من مائتي مرة في كتاب الله، فض ً لا عن غيرها من الألفاظ التي تعبر عن
وحدة الجنس البشري، وتشير بالتالي إلى وجود رابطة بين هؤلاء الناس، و هي التي نسميها الرابطة
الإنسانية. لأنها موجودة عند أي إنسان تجاه جميع الناس.

ثانيًا : رابطة القومية : و هي أقوى من الرابطة الأولى، فالإنسان يلتقي مع قومه- وهم مجموعة من
الناس - على أمور أكثر من مجرد الرابطة الإنسانية. إنه يعيش عادة مع قومه، و يتكّلم بلسانهم، و له
معهم مصالح مشتركة، و بينه و بينهم في الغالب قواسم مشتركة كثيرة. و لا شك أن هذه الرابطة
موجودة و لها تأثيرها في واقع الفرد و دنيا الناس. و لذلك فقد ورد ذكر لفظ (القوم) ومشتّقاته في
القرآن الكريم أكثر من ثلاث مائة و أربعين مرة.

ثالثًا : رابطة العائلة : وتشمل الوالدين والأولاد والزوجة ومن يسكن معهم من الأقارب في نفس
الدار. وسائر الأقرباء. وهذه الرابطة تترّتب عليها آثار أكبر في حياة الإنسان، و لذلك خصتها الشريعة
بقدر كبير من الأحكام.

رابعا: رابطة الإقامة : فالذي يقيم في بلد ما يشعر تجاه هذا البلد برابطة تشده إلى مكان إقامته الجديدة.
فالمسلم إذا أقام ببلد غير إسلامي، و العربي حين يقيم في بلد غير عربي، و المسيحي حين يقيم في بلد
إسلامي - غير بلده - كل هؤلاء يشعرون برابطة خاصة تجاه بلد الإقامة الجديد، و هذه الروابط هي
مشاعر فطرية بشرية طبيعية.
لقد أشارت الآية الكريمة إلى رابطة الأب وة و البن وة والأخوة والزوجية و العشيرة (القومية) و المصالح
المتمّثلة بالأموال و التجارة ورابطة المساكن أي الإقامة، و استعملت كلمة (أحب إليكم)، فالله تعالى لم
ينكر علينا هذه الروابط و ما ينشأ عنها من حب، و لكنه أنكر علينا أن يكون هذا الحب أكبر من حبنا
لله ورسوله، فالمطلوب أن يكون الحب لله أكبر من أي حب آخر. و حين التعارض فإن المسلم يغلب
حبه لله و التزامه بأحكام شريعته على مقتضيات جميع الروابط الأخرى..

أسئلة التصحيح الذاتي

قال الإمام القرافي المالكي : "فمن اعتدى عليهم و لو بكلمة سوء أو غيبة، فقد ضيع ذمة الله، و ذمة
رسوله صلى الله عليه و سلم، و ذمة دين الإسلام”.
- 1 حلل عبارة القرافي موضحا أنواع الحماية التي و فرها الإسلام لغير المسلمين.
2 – ما هي أسسعلاقة المسلمين مع غيرهم في الإسلام.



أجوبة التصحيح الذاتي

- 1 قال الإمام القرافي المالكي : "فمن اعتدى عليهم و لو بكلمة سوء أو غيبة، فقد ضيع ذمة الله،
وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، و ذمة دين الإسلام” .
أي أن الإسلام كفل حماية رعايا الدولة المسلمة مهما كانت ديانتهم، ومعنى ذلك، أي حمايتهم من كل
عدوان خارجي، فإذا اعتدي عليهم وجب على المسلمين الدفاع عنهم، ومن أنواع هذه الحماية: حماية
الدماء و الأبدان. حماية الأموال. حماية الأعراض. التأمين عند العجز والشيخوخة و الفقر.

- 2 أسسعلاقة المسلمين مع غيرهم في الإسلام هي :
- التعارف.
- التعايش.
- التعاون.
- الروابط الاجتماعية.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-