التكتلات الإقتصادية في العالم

التكتلات الإقتصادية في العالم 

تعريف التكتلات الإقتصادية

لقد وجدت التكتلات الاقتصادية تعبيرها الفكري في نظرية التكامل الاقتصادي. وأصبح الاهتمام بها بعد الحرب العالمية الثانية من طرف مجموعة من دول العالم، حتى أصبح يسمى منتصف القرن العشرين بعصر التكتلات الاقتصادية. وانتشر هذا الاهتمام إلى مناطق أخرى من العالم خاصة بعد بروز ظاهرة العولمة الاقتصادية في نهاية القرن العشرين.
فيعرف التكتل الاقتصادي على انه يعبر عن درجة معينة من درجات التكامل الاقتصادي الذي يقوم بين مجموعة من الدول المتجانسة اقتصاديا وجغرافيا وتاريخيا وثقافيا واجتماعيا، والتي تجمعها مجموعة من المصالح الاقتصادية المشتركة، بهدف تعظيم تلك المصالح وزيادة التجارة الدولية البينية لتحقيق اكبر عائد ممكن، ثم الوصول إلى أقصى درجة من الرفاهية الاقتصادية لشعوب تلك الدول

ويمكن تعريف التكتل الاقتصادي بأنه تجمع عديد من الدول التي تجمعها روابط خاصة بالجوار الجغرافي أو التماثل الكبير في الظروف الاقتصادية أو الانتماء الحضاري المشترك هذا التجمع يكون في إطار معين قد يكون اتحادا جمركيا أو منطقة تجارة حرة. فالتكتل الإقليمي كمفهوم يعكس الجانب التطبيقي لعملية التكامل الاقتصادي، فهو يعبر عن درجة من درجات التكامل الاقتصادي فيما بين الدول الأعضاء

من هنا يمكن القول بأن التكتلات الاقتصادية هي وسيلة تلجأ إليها دول معينة ضمن منطقة معينة لتحقيق أهداف معينة ومتعددة، ولكن ترتكز جميعها حول دفع عجلة النشاط الاقتصادي في الاتجاه الصحيح وبالسرعة الضرورية، لتحقيق معدلات نمو طموحة يمكن أن تؤدي إلى تضيق الفجوة الواسعة بين مستويات المعيشة في الدول الغنية وفي غيرها من الدول النامية ، ومعنى ذلك أن التكتلات الاقتصادية سواء كانت تكتلات شرقية أو غربية هدفها هو التكامل الاقتصادي للإمكانات الموزعة في أنحاء وحدات التكتل، ويتطلب هذا التكامل الاقتصادي تحليل الوضع الاقتصادي لكل عضو من أعضاء التكتل لمعرفة مناطق القوة والضعف بالنسبة لهذا التكتل

ويمكن اعتبار التكتلات الاقتصادية كأحد النماذج التنموية تتخذها مجموعة من الدول التي تدخل في اتفاق فيما بينها، تقضي بتنسيق السياسات الاقتصادية في جوانبها المختلفة وإلغاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية بغية تحقيق معدلات نمو سريعة في اقتصادياتها وزيادة التعاون فيما بينها، ومواجهة مختلف التحولات والتطورات التي تحدث في الاقتصاد العالمي.

إذا تكلمنا عن التكتلات الاقتصادية الإقليمية فهي اتفاق عدد من الدول المنتمية جغرافيا إلى إقليم اقتصادي معين كأوروبا الغربية، المنطقة العربية، أمريكيا الشمالية... لإقامة ارتباط فيما بينها في شكل من أشكال التكامل الاقتصادي. إلا أنه في الوقت الراهن أصبحت التكتلات الاقتصادية تنتمي دول أعضائها لأكثر من إقليم كمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك)، وتكتل الأمريكيتين.
المطلب الثاني: شروط الاندماج والتكتل الإقليمي
1- وجود روابط توحيد بين عناصر مختلفة لمجموعة واحدة على الصعيد الجغرافي وصعيد المعلومات والمستوى الوظيفي أو التقني.
2- التنسيق بين البرامج الاقتصادية أو السعي إلى تحقيق التماسك بين هذه البرامج على مستوى المجموعة المعنية.
3- التجانس الجغرافي والتاريخي والديمغرافي وتجانس الهياكل الاجتماعية الاقتصادية للمجال الذي يراد دمجه.
4- التضامن الإقليمي.
المبحث الثاني: نشأة التكتلات الاقتصادية
ترجع فكرة التكتلات الاقتصادية إلى أكثر من مائة عام فقد نشأ أول تكتل من هذا النوع في الولايات الألمانية قبل وحدة ألمانيا، ثم أعقبتها تكتلات أخرى مثل تكتل المستعمرات الإنجليزية مع الدولة الأم التي عرفت باسم سياسة التفضيل الإمبراطوري، وكذلك تكتل فرنسا ومستعمراتها وغير ذلك من التكتلات الأخرى إلا أن خصائص هذه التكتلات القديمة كانت تتسم بسياسة ربط المستعمرات بالدولة الحاكمة ومحاولة استغلال موارد هذه المستعمرات وذلك لتحقيق الرخاء للدولة الأم.
لهذا نقول أن ظاهرة التكتلات الاقتصادية ليست بالظاهرة الجديدة إلا أن ظهورها كتجربة اقتصادية كانت بعد الحرب العالمية الثانية اتخذتها مجموعة من الدول سواء كانت نامية أو متقدمة، رأسمالية واشتراكية، وهذا لمواجهة مختلف التحولات التي شهدها العالم في تلك الفترة فظهرت هذه التكتلات كنتيجة للقيود في العلاقات الدولية وكمحاولة جزئية لتحرير التجارة بين عدد من الدول، فظهرت التكتلات الاقتصادية في صورة مشروعات فردية قدمتها أمريكا للدول الأوروبية ودول الشرق الأوسط، مثل مشروع "مرشال" الذي يهدف إلى تقديم المساعدات الاقتصادية المصحوبة بشروط سياسية وعسكرية، وقد كانت شعوب قارة أوروبا أول من ساهم في نشأة هذه التكتلات وذلك بحكم ما تعرضت إليه هذه الشعوب من أزمات اقتصادية نتيجة للحرب العالمية الثانية، فذاقت ويلات الهزيمة وأصبحت دول هذه الشعوب منهارة اقتصاديا وعاجزة عن النمو فأدركت بأنه لابد من تكتلها ومن جميع النواحي لإعادة بناء اقتصادياتها ومواجهة السيطرة المفروضة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، ومواكبة مختلف التطورات الكبيرة في العلم والتكنولوجيا. من هنا تكتلت دول أوروبا الغربية في شكل سوق مشتركة سنة 1957، وكانت هذه الأخيرة صورة مثلى للعديد من الاقتصاديين والسياسيين الذين اعتبروها نموذجا يحتذي به بين مجموعات دولية أخرى، ثم انتقلت ظاهرة التكتلات إلى مجموعة أخرى من الدول، فنشأت منطقة التجارة الحرة لأمريكا اللاتينية، والسوق المشتركة لدول أمريكا الوسطى، وعمدت دول أوربا الشرقية على إنشاء منظمة "الكوميكون" أما في المنطقة العربية تم إنشاء السوق العربية المشتركة، كما نشأت أيضا اتفاقات إقليمية في المنطقة الإفريقية والمنطقة الآسيوية.
فمفهوم التكتلات الاقتصادية أساسا نشأ وتطور في ظل البلدان الصناعية وأصبح ينظر إلى هذه التكتلات على أنها ضرورة ملحة خاصة في مرحلة تطور القوى المنتجة التي وصلت إلى مستوى معين من التطور والتقدم وساعد في ذلك العلم والتقنية وتزايد الإنتاج والتعميق الحاصل في عملية تقسيم العمل الدولي.
وتزامنا مع التغيرات التي تعرض لها الاقتصاد العالمي انطلاقا من السبعينات من القرن الماضي، والتي تمثلت في انهيار نظام" بروتن وودز"، والتحول إلى نظام الأسعار المعومة، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف للعملات الرئيسية وارتفاع أسعار الطاقة وزيادة أزمة المديونية الخارجية في بداية الثمانينات الأمر الذي أدى إلى ظهور سياسات حمائية في الدول الصناعية، مما أثر سلبا على حرية التجارة والتدفقات السلعية خاصة بالنسبة لصادرات الدول النامية إلى الأسواق العالمية وبعد هذه الأزمات تنامت ظاهرت التكتلات الاقتصادية في شكل ترتيبات إقليمية، والتي أصبحت من السمات البارزة في تشكيل النظام الاقتصادي العالمي الجديد، واشتد التنافس بين الدول، خاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية، وهذا من أجل الاستحواذ والسيطرة على الأسواق الدولية والتوسع في النفاذ إليها.
والملاحظ أن التكتلات الاقتصادية التي أقيمت بعد الحرب العالمية الثانية حتى نهاية القرن العشرين، أغلبها لم يكن لها النجاح فتعثرت أمام المشاكل والخلافات، ولكن لم تقف عند حدها فتميزت بالديمومة والاستمرار في تطورها خاصة بعد اشتداد المنافسة العالمية في العقد الأخير من القرن العشرين، وأصبح من الصعب على الدول أن تدخل المنافسة منفردة، فبدأت تتجمع في كيانات اقتصادية والتي أصبحت مطلبا دوليا كنتاج لما تفرضه العولمة الاقتصادية والاندماج في الاقتصاد العالمي فتسارعت الدول نحو تشكيل تكتلات اقتصادية استعدادا لدخول إلى مرحلة جديدة يحل فيها الصراع بين القوى الاقتصادية الكبرى محل الصراع بين القوى العسكرية على الساحة الدولية ، وأصبحت هذه التكتلات تشكل خريطة للعالم والتي يمكن تجميعها فيما يلي:
- في نصف الكرة الغربي تم التوقيع على إنشاء منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (النافتا) وذلك سنة1992 ، وتمهد لقيام تكتل الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، كما تم إنشاء الكثير من الترتيبات الإقليمية بين العديد من دول أمريكا اللاتينية.
- في أوربا كانت التطورات أسرع فقام الاتحاد الأوربي، الذي يعتبر من أجدر التكتلات الاقتصادية القائمة حاليا، وزاد عدد الدول في عضويته حيث يضم25 دولة، إضافة إلى تكامله النقدي واستخدام العملة الموحدة (الأورو) مع مطلع سنة 1999، ودخوله في اتفاقيات تجارة حرة وفي اتحاد جمركي مع تركيا، واتفاقيات مشاركة مع دول جنوب البحر المتوسط.
- في شرق آسيا حيث وقعت دول جنوب شرق آسيا اتفاق للتجارة الحرة عرف باسم (الإفتا)، كما أنشئ في منطقة آسيا منتدى التعاون الاقتصادي لدول شرق آسيا والمحيط الهادي (الأبيك APEC).
- في المنطقة العربية والتي بدأت بمشروع السوق العربية المشتركة سنة 1964 ، ثم محاولة إقامة تجمعات إقليمية كمجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي. واخيرا تسعى الدول العربية إلى تحقيق منطقة تجارة حرة عربية كبرى بعد 10 سنوات انطلاقا من سنة 1998 وهي السنة التي دخلت فيها حيز التنفيذ، تهدف إلى تحقيق التحرير الكامل للتجارة البينية العربية.
أما في إفريقيا قامت ترتيبات وتكتلات إقليمية لعل أبرزها إقامة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا)، التي تسعى إلى تنسيق الجهود لمواجهة ما يحدث في البيئة الاقتصادية العالمية.
ومن غير المستبعد أن تظهر تكتلات اقتصادية أخرى في مناطق جديدة من العالم وهذا لما تفرضه التحولات والتغيرات الراهنة تحت مسمى العولمة الاقتصادية.
فيمكن القول أن هذه التكتلات أصبحت أمرا واقعيا يجب التكيف والتعامل معه، كما أن التكتلات الاقتصادية تختلف باختلاف ظروف تكوينها وأهداف إقامتها فقيام التكتل الاقتصادي في الدول النامية تختلف ظروفه الموضوعية والذاتية عن ظروف الدول المتقدمة على النمط نفسه.
كما قامت التكتلات الاقتصادية القديمة وتوجهات السياسات الاقتصادية للتكتلات الجديدة على ما يلي:
أسس قيام التكتلات القديمة:
- التصنيع باتجاه الإحلال محل الواردات.
- تخصيص الموارد وفقا لخطط مركزية أو قرارات سياسية.
- قيادة الحكومة والقطاع العام للاقتصاد الوطني أو تنامي دور الدولة في إدارة وتوجيه الاقتصاد.
- تكثيف الاعتماد على السلع الصناعية.
- معاملة تفضيلية للدول الأقل نموا .
- الاعتماد على الحواجز الجمركية وسياسات حمائية.
أما توجهات السياسة الاقتصادية التي تعمل في ظلها التكتلات الاقتصادية الجديدة فهي تتضمن في الغالب ما يلي:
- التوجه في التصنيع نحو الصناعات التصديرية.
- تخصيص الموارد يكون أو يتم وفقا لقوى السوق.
- قيادة القطاع الخاص للنشاط الاقتصادي.
- إلى جانب الاعتماد على السلع الصناعية في المبادلات فقد دخلت تجارة الخدمات والاستثمار إلى ميدان الاتفاقيات الإقليمية الجديدة.
- الاتجاه إلى تعميق الاندماج عن طريق تنسيق السياسات.
- المعاملة مماثلة لجميع الأطراف على السماح بفترات التكيف.
- ويكفي الدلالة على تأكيد خاصية تزايد التكتلات الاقتصادية والترتيبات الإقليمية الجديدة، أن إحدى الدراسات التي أجراها صندوق النقد الدولي خلال عام 1995، تشير أنه يوجد على مستوى العالم حوالي 45 من أنظمة التكامل الاقتصادي ومن ثم التكامل الاقتصادي في مختلف صورها ومراحلها، تشمل%75 من دول العالم، وحوالي% 80 من سكان العالم والسيطرة على % 85 من التجارة العالمية.
أسس التكتلات الإقتصادية :
- الاستفادة من مزايا التخصص وتقسيم العمل بين الدول الأعضاء
- تؤدي المنافسة الكاملة بين المؤسسات الاقتصادية المختلفة للدول الأعضاء إلى توسع تلك المؤسسات واتجاهها نحو الاندماج سوياً للاستفادة من مزايا الإنتاج الكبير .
- اتباع سياسة تجارب موحدة للدول الأعضاء تجاه العالم الخارجي .
- تعبئة الموارد الاقتصادية التي تتوفر في الدول الأعضاء ضمن خطة للتنمية المشتركة .
- تنسيق مشروعات التخطيط الاقتصادي بين الدول الأعضاء وتنسيق السياسات الضريبية والمالية والنقدية بالشكل الذي يحقق قيام صناعات متكاملة ومترابطة وفقاً للأسس الاقتصادية الصحيحة.
المبحث الثالث: خصائص التكتلات الاقتصادية وخطوات تحقيق اهذافها
للتكتلات الاقتصادية عدة خصائص وأهداف تسعى إلى تحقيقها ودوافع قيامها يعود الى مجموعة من الأسباب.
المطلب الأول: خصائص التكتلات الاقتصادية
تتصف التكتلات الاقتصادية بعدة خصائص يمكن إجمالها فيما يلي:
-1تتصف التكتلات الاقتصادية بحجومها الضخمة من حيث مواردها وإنتاجها، واتساع أسواقها الاستهلاكية والإنتاجية، وتنوع هياكلها الاقتصادية ومواردها وكثافة حجم سكانها.
-2 حرية تنقل السلع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال والاستثمار بين الدول المتكتلة.
-3 المنافسة الحرة بين الدول المتكتلة في المنطقة التكاملية ولها سياسة تجارية موحدة تجاه الدول الأخرى خارج نطاق التكتل.
-4 ارتفاع نسبة التجارة البينية من مجمل تجارتها الخارجية وهذا ما يجعلها تخفض من التبعية الاقتصادية، أو تكون لها درجة عالية من الاستقلالية الاقتصادية بالنسبة للدول الخارجة عن المنطقة التكاملية هذا ما يؤدي إلى الارتباط بين الدول المتكتلة من خلال تشابك اقتصادياتها وأسواقها.
-5 قوتها في التفاوض على المستوى الدولي هذا للدفاع عن مصالحها ضد التكتلات الاقتصادية الأخرى ، ومن ثم تكون الدول التي تنتمي إلى التكتل في موقع أفضل من ناحية المساومة أو التفاوض مهما كان شكله.
- 6 توفير مزايا ومكاسب تعجز الدولة منفردة عن تحقيقها.
- 7 الاستفادة من رؤوس الأموال والأيدي العاملة الماهرة والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة في المنطقة التكاملية.
- 8تحقيق نمو اقتصادي مستمر كنتيجة للآثار الديناميكية المتعلقة بحجم السوق وتحسين مناخ الاستثمار وزيادة المنافسة الناتجة عن فتح الأسواق.
المطلب الثاني: خطوات تحقيق أهداف التكتلات الاقتصادية
التكتلات الاقتصادية تستطيع تنمية الفعاليات الاقتصادية للدول الأعضاء تنمية سليمة وهذا وفقا للمبادئ النظرية الاقتصادية وبالتالي تحقيق الرفاهية لشعوبها، إلا أن هذه التكتلات يجب أن تتبع الخطوات التالية حتى تسعى لتحقيق أهدافها:
-1 أن تكون لدول التكتل سياسة تجارية موحدة تجاه العالم الخارجي، مع تطوير هذه السياسة وامتيازها بالمرونة وفقا لتطور الأوضاع والعلاقات الدولية الاقتصادية.
- 2 الالتزام بالمنافسة الحرة داخل المنطقة التكاملية هذا ما يستدعي منح المنتجين على تقسيم الأسواق وتحديد الأسعار.
-3إلغاء القيود على حركة السلع وعناصر الإنتاج بين الدول الأعضاء مع خضوع تحركات الأشخاص للقوانين السائدة في كل من هذه الدول.
-4التعاون مع الدول الأعضاء على تحقيق التوازن في موازين المدفوعات بالنسبة للدول التي تحقق عجز في موازينها خاصة في بداية قيام التكتل الاقتصادي.
-5إنشاء الصندوق الموحد للتعاون الاجتماعي بين دول التكتل يكون هدفه تدريب العمال وتأهيلهم تأهيل تكنولوجي.
-6 إنشاء بنك الاستثمار الموحد خاص بدول التكتل يهدف الى تمويل الصناعات التي يجب إقامتها لاستغلال الإمكانات الصناعية المتاحة في هذه الدول وإعادة بناء الصناعات القائمة مع صراعات التقدم العلمي والتكنولوجي الحديث.
-7إنشاء الأجهزة الإدارية المختلفة بجانب الإدارات الفنية الضرورية التي تستلزمها تنفيذ الأهداف المختلفة التي يحددها التكتل لنفسه في كل مرحلة من مراحل تطوره.
-8يجب أن لا تقتصر وظيفة الإدارات والأجهزة المختلفة على إعداد خطط التنسيق، وإنما يجب أن تمتد كذلك لتشمل تتبع التنفيذ وتقديم النتائج، على أساس ما يجتمع لديها من معلومات وبيانات إحصائية.
قد تكون المشكلة الأساسية التي تواجهها دول التكتل، لا تكمن في حرية التبادل وانتقال عناصر الإنتاج، وإنما تكون المشكلة هي التعاون في إقامة المشاريع الإنتاجية الكبيرة وإدخال التكنولوجيا الحديثة، وتطوير الأراضي الواسعة والاستغلال الأمثل للموارد التي تمتلكها هذه الدول.
المبحث الرابع: أسباب ودوافع قيام التكتلات الاقتصادية الإقليمية
تتعـدد أسباب إقامة التـكتلات وتتنوع ما بين الدوافع الاقتصـادية وغـير الاقتصـادية
على النحو التالي:
أسباب اقتصادية:
يعد العمل على توسيع الأسواق من أهم الدوافع الاقتصادية لإقامة التكتلات، حيث تؤدي زيادة حجم السوق إلى الاستفادة من مزايا التخصص، كما تزيد من فرص الاستثمار، حيث يفضل المستثمرون الاستثمار داخل نطاق التكتل للاستفادة من اتساع السوق وخفض الحواجز الجمركية بين الدول المتكتلة.
ويمكن حصر أهم الدوافع الاقتصادية فيما يلي:
1. التمتع بوفرات الإنتاج الكبير، وهذا عند قيام التكامل الذي يؤدي اتساع السوق إلى إمكان تمتع المشروعات المنشاة في نطاق التكامل بوفرات الإنتاج الكبير التي تنقسم إلى الوفرات الناتجة عن حجم الإنتاج ، والوفرات الخارجية التي تتولد عن عوامل أخرى خارج نطاق المشروع.
2. تحسين معدل التبادل الدولي، وفتح المجال للمنافسة، والقضاء على ظاهرة الاحتكار، وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي المباشر.
3. خلق مناخ ملائم للتنمية الاقتصادية، حيث التكامل يأخذ على عاتقه تهيئة الجو الملائم للتنمية. فهو يضمن قدرا من التنسيق في السياسات الاقتصادية واستقرار الأوضاع الاقتصادية، والتنسيق أيضا بين مشروعات التنمية الإقليمية من رأس مال اجتماعي( كالسدود، المطارات ، الطرق، المعاهد العلمية.....).
4. ضمانة ضد الأحداث المستقبلية : قد تلجا الدول للانضمام إلى تكتل إقليمي وذلك من اجل درء المخاطر والإحداث التي قد تتعرض لها في المستقبل. فيصبح التكتل بمثابة التامين أو الضمان ضد الأحداث غير المتوقعة. لهذا يذهب البعض للقول بان الدول النامية تتحمس للانضمام لتلك التكتلات بغية أن تتجنب أي حرب تجارية مستقبلية يمكن أن تكون تلك الدول الخاسر الأكبر منها ، لذلك نجد اتفاقية "النافتا" لم تخل من هذا الدافع . فلقد أقدمت كندا على إبرام ذلك الاتفاق كضمان لصادراتها ضد رسوم الإغراق والرسوم التعويضية التي كان من الممكن أن تفرضها الولايات المتحدة في حالة عدم وجود الاتفاق ، وفي المقابل يعتبر ضمان للولايات المتحدة ضد السياسات الكندية في مجال الطاقة والتي كانت تتعارض مع المصالح الأمريكية.
أسباب سياسية:
قد يكون الدافع وراء إقامة التكتل سياسي بالدرجة الأولى، وهذا كما حدث عند ما أدرك زعماء أوربا خطورة تزايد الوزن النسبي للولايات المتحدة الأمريكية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومن ثم أجمعوا على ضرورة إقامة تكتل اقتصادي أوربي يستطيع مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، وكما فعلته أيضا الولايات المتحدة لضم المكسيك وكندا في منطقة تجارة حرة، وهذا للاستفادة من السوق المكسيكية الواسعة وتسد الطريق أمام أوربا واليابان للدخول إلى السوق المكسيكية، كما كان أيضا الدافع الأول لقيام تكتل "الآسيان" هو الدافع السياسي وهذا لمواجهة التوسع الشيوعي. فمن خلال أيضا تشابك العلاقات الاقتصادية التي تساعد على ارتباط الدول الأعضاء وزيادة الثقة بينهما في المنطقة التكاملية، فان هذه الدول تتجنب الخطر السياسي، وخير مثال على ذلك حل الصراعات التي كانت قائمة بين فرنسا وألمانيا بعد إقامة المجموعة الأوربية للفحم والصلب عام 1951، وكذلك مساهمة "الميركوسور" في تخفيف الصراع بين الأرجنتين والبرازيل واحتواء خطر البرامج العسكرية النووية بين الطرفين.
قد تكون الوحدة السياسية هي الهدف الأسمى الذي تسعى إلى تحقيقه الدول المنظمة إلى تكتل اقتصادي، أي أن هذا الأخير يمثل تمهيدا لإقامة تكامل سياسي. إلا انه في المقابل قد يحدث من وراء التكامل اثر معاكس وبالتالي ترتفع درجة عدم الاستقرار والخلافات بين الدول الأعضاء نتيجة لمشاكل قد يخلقها التكامل الاقتصادي والتي سبق الإشارة إليها.
لهذا تشكل الدول تكتلات لأسباب غير اقتصادية، وذلك لتعزيز الأمن القومي والسلام والمساعدة في تطوير المؤسسات السياسية والاجتماعية.
ولقد بحث علماء السياسة في استخدام الدبلوماسية التجارية خلال سياق إقليمي، وتوصلوا إلى أن العلاقات التجارية قد تساعد على إنشاء علاقات سياسية بين الدول الأعضاء بتطوير وسائل التحكم في الصراع بينهما.
أسبـاب أمنيــــة:
الاستقرار الأمني كهدف قد يدفع بعض الدول لعقد اتفاقيات إقليمية لهذا يكون الدافع وراء ضم دول معينة للتكتل دافعا أمنيا، ورغبة الحكومات في المحافظة على سيادتها بالتعاون مع دول أخرى، هكذا تم مع مجتمع الفحم والصلب الأوربي والمجتمع الأوربي، فالطريق غير المباشر لتقوية الأمن من خلال تكامل اقتصادي يعتبر خطوة أولية وأساسية، وكذلك اتجاه الاتحاد الأوربي لضم دول جنوب البحر المتوسط في اتفاقات ثنائية واتفاقات شراكة رغبة منه في تأمين الجنوب، وتجنب للمشكلات التي يمكن أن يصدرها.
المبحث الخامس :أسباب نجاح أو فشل التكتلات
والآن بعد أن استعرضنا معظم التكتلات الاقتصادية القائمة في العالم والتي يعد بعضها ناجحاً بكل المقاييس والأخرى يعد نجاحها ضئيلاً بل قد فشل البعض الآخر ، يجدر بنا أن نستعرض بعض الأسباب التي أدت إلى النجاح أو تلك التي أدت إلى الفشل .
1. أسباب نجاح الوحدة الأوربية :
• من المعروف بأن التكامل الاقتصادي يقوم على أساس القاعدة الإنتاجية التي تضمن تبادل المنتجات بين دول التكامل على أوسع نطاق وهذا متحققاً في الدول الأعضاء في السوق الأوربية المشتركة التي تعتبر جميعها من الدول الصناعية المتقدمة حيث أن ( التقدم العلمي والتقني هو السبب الرئيسي المؤدي إلى اشتراك وحدات اقتصادية في مجموعات أكبر أتساعاً وصولاً نحو تكامل اقتصادي)
• عملية التكامل الاقتصادي تحتاج إلى جهود كبيرة وعمل متواصل يتسم بالتصميم الجاد من أجل تحقيق الهدف والصالح المشترك لأعضاء التكامل وهذا ما عملت به الدول الأوربية حيث أنهم أحصوا (300) من الإجراءات التي اتخذت حتى وصلت أوربا إلى الوحدة عام 1992 م .
التوصل إلى التكامل والوحدة الاقتصادية يتطلب تغيير مفاهيم السيادة ، حيث يتضمن التنازل عن بعض السيادة لصالح السيادة المشتركة برضاء الدولة وهو تنازل من جانب جميع الدول والأعضاء وذلك مقابل النفع العائد على تلك الدول ومقابل الحقوق والمزايا التي تنشأ من التكامل وهذا ما عملت به الدول الأوربية حيث غلبت الصالح الاقتصادي على المفهوم الضيق للسيادة ( فالتكامل يفيد كافة الأطراف المشاركة فهو حاجة اقتصادية قبل أن يكون رغبة سياسية )
• أوربا الموحدة تقوم على أساس ديمقراطي ، فالرأي العام قد أسهمت اتجاهاته في الوصول إلى الهدف وكذلك تم إنشاء برلمان أوربي موحد وغيره من المؤسسات الديمقراطية ، وهذا ما يوضح صلابة الأساس الذي تقوم عليه الوحدة الأوربية ( فلا حرية اقتصادية بلا حرية سياسية)
2. أسباب فشل التكتلات الاقتصادية في بلدان العالم الثالث :
• تبعية وعمق ارتباط اقتصاد معظم الدول النامية مع الدول المتقدمة .
• طبيعة الصادرات والواردات من وإلى دول العالم الثالث لا يوفر صبغة تعاون بينها حيث أنها تحتاج إلى الآلات وقطع الغيار وكافة الصناعات المتقدمة وهي غير متوفرة في أسواق دول العالم الثالث ، كما أن صادراتها تمثل في معظم الأحيان منتج واحد ( نفط ، فوسفات ، قطن ، بن .. الخ ) وهذه تصدر لدول متقدمة وليس لها سوق كبيرة في دول العالم الثالث .
• البلدان النامية ليست متجانسة ، فبعضها يطبق مبادئ اقتصادية على الطريقة الغربية الرأسمالية والبعض الآخر يطبق مبادئ اشتراكية ، وهذا التمايز بين أنظمتها السياسية والاقتصادية أدى إلى إخفاق التكتل بينها .
• تناقض المصالح بين دول العالم الثالث وهشاشة العلاقة بينها لدرجة قيام اشتباك مسلح بين دولتين في أمريكا اللاتينية هما السلفادور وهندوراس بعد مبارة لكرة القدم مما أدى إلى تهديد عمل السوق المشتركة لأمريكا الوسطى وأدى إلى انهياره
• استئثار البلدان الأكبر حجماً والأكثر تقدماً اقتصادياً في التكتل بالجزء الأكبر من المكاسب مما يقوي نزعة هذا البلد لفرض هيمنته على باقي التكتل
• الفساد الإداري والمالي في الكثير من دول العالم الثالث .
• مشكلة التخلف ومشاكل التنمية التي تعاني منها معظم بلدان العالم الثالث .
• هشاشة الأنظمة الحاكمة وتغيرها بسبب كثرة الانقلابات العسكرية وخصوصاً في أفريقيا.
المبحث السادس: تقييم التكتلات الاقتصادية
المطلب الأول: الإيجابيات والسلبيات
• الآثار الإيجابية:
يمكن أن نعتبر أن الآثار الإيجابية للتكتلات الاقتصادية مرتبط بهذه الأخيرة فقط، ولعل من أهمها:
- من أهم الآثار الإيجابية للتكتلات الاقتصادية العوائد الضخمة من جراء تكامل إمكانات المؤسسات المتكتلة
- إن وجود التكتلات الاقتصادية سوف يؤدي إلى خلق علاقات تكامل أمامية وخلفية بين أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة في الدولة
- إن توسع التكتلات الاقتصادية في أنشطتها على المستوى الأفقي والعمودي مع الانتشار الجغرافي لهذه الأنشطة يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة في المناطق أو المحافظات النائية المختلفة.
• الآثار السلبية:
بطبيعة الحال إن الشعوب النامية هي تمثل هذه الآثار
- صعوبة تحقيق العدالة في توزيع الدخول على مستوى الدولة مما يؤدي إلى خلق الطبقية الاجتماعية
- تفعيل السياسة الاحتكارية خاصة إذا كانت أطراف الاتفاق من دول نامية، وبالتالي القضاء على المشروعات الصغيرة كالقضاء على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل أساس الاقتصاد القومي في أي دولة وبالتالي تروح على هذه الدول فرصة زيادة الدخل العام القومي وامتصاص البطالة
- التكتلات الاقتصادية الضخمة تؤثر على الشؤون الداخلية للبلدان وبالتالي السيطرة عليها اقتصاديا ومنه الوصول إلى مراكز القرار في الدولة بما يخدم المصالح السياسية لدول أخرى ومثال ذلك ما يحدث للعراق
المطلب الثاني: آثار التكتلات الاقتصادية القائمة بين الدول النامية
نحاول في هذا المطلب إبراز أهم الآثار المتوقعة لدخول دول الجنوب في تكتل إقليمي فيما بينها.
يشير وينر (winer) بان هناك العديد من الفوائد الناجمة عن التكتلات الإقليمية بين الدول النامية والذي يتفق مع العديد من الكتاب.
ويمكن الإشارة هنا إلى أن هناك نسبة إجماع على الفوائد التي يمكن تحقيقها مثل زيادة عدد الصناعات الجديدة وتقليل الاعتماد على تصدير المواد الخام، وزيادة عدد الصناعات التعدينية والصناعات الأخرى المكملة كنتيجة طبيعية لكبر حجم السوق
وفيما يلي نوضح أهم هذه الآثار المتوقعة من وراء قيام تلك التكتلات:
• زيادة القوة التفاوضية وقوة المساومة:
من بين الآثار المتوقعة والهامة للتكتلات الاقتصادية بين دول الجنوب هو زيادة قوتها التفاوضية، باعتبار أنها تعاني من انخفاض قدرتها التفاوضية بالنسبة لكل دولة على حدى، وذلك لافتقارها للإمكانيات المادية والبشرية التي تتطلبها عملية التفاوض، خاصة بالنسبة للدول الصغيرة الحجم، كما أن معظم الدول النامية ليس لها تأثير كبير في الأسواق العالمية وبالتالي قدرتها على المساومة والتفاوض منخفضة جدا.
من ثم يتوقع أن تتمكن هذه الدول من زيادة قدرتها التفاوضية، وتخفيض تكلفة التفاوض من خلال توحيد مواردها عن طريق إقامة تكتلات إقليمية فيما بينها
فضعف مقدرة الدول النامية على المساومة يشكل سببا أساسيا لعجزها عن تحسين ظروف تجارتها الخارجية، ذلك أن الاعتماد على الإقناع وحده لا يكفي لحمل الدول المتقدمة على أن تأخذ بجدية مصالح الدول النامية في الاعتبار
• الاستفادة من وفرات الحجم:
من المتوقع أيضا أن قيام التكتلات الاقتصادية بين الدول النامية يكون لها أثر على زيادة درجة المنافسة والاستفادة من وفرات الحجم، ويرجع ذلك إلى اتساع حجم السوق حيث يصبح بالإمكان قيام نشاطات اقتصادية صناعية على وجه الخصوص بأحجام معتبرة وإنتاجيتها العالية وتكاليفها المنخفضة. فكلما اتسع السوق أيضا للنشاط الاقتصادي اتسع أفق التخصص في الإنتاج، فبدلا من تشتيت قدراتهم ومواردهم الاقتصادية وجهودهم على مختلف النشاطات الإنتاجية يقدرون أن يجنوا ثمار استغلال الهبات والموارد لأن الأسواق المحلية تكون معزولة عن المنافسة بين الدول النامية بعوائق تجارية وتقيدات مشددة، وضيق السوق تشيع في رحابه ظاهرة ابتكار الأقلية وتقييد المنافسة.
إضافة إلى ذلك فإن بعض الأسواق المحلية في الدول النامية لا تسع لأكثر من منتج واحد، لذلك فالتكامل الاقتصادي بين تلك الدول يفتح أبوابها للمنافسة فيما بين المشروعات المماثل فيها. فإقامة السوق الواسعة في الدول النامية لا ينبغي تركها للآلية التلقائية، إنما نتيجة لعمل ممهد دؤوب يمتد على فترة طويلة وهذا ما يجب أن يعترف به أي مراقب واع.
• التنمية الصناعية:
أما الأثر المتوقع لهذه الاتفاقيات على التنمية الصناعية فيتوقف على قدرة التكتل على تحقيق وفرات الحجم وعلى حجم السوق الكلي، فإذا تمتع التكتل بحجم سوق مناسب يسمح بتحقيق وفرات النطاق يتوقع أن يجذب الصناعات إلى الداخل وستقوم الصناعة في كلا البلدين وذلك بسبب التوسع الذي يفرضه الخفض المتزايد للعوائق التجارية بين دول الجنوب، ويكون انتشار الصناعة ليس متساويا بين الدولتين، وعلى أي حال فهو يبدأ في دولة ويمتد إلى الأخـرى
عندما تكون القيود التجارية منخفضة، والدول الجنوبية تجذب صناعات أقل في هذه الحالة مما لو كانت تتبع سياسة التحرير متعدد الأطراف، وذلك لأنها لم تستفد من الوصول إلى سوق الدولة الشمالية أو المنتجات الوسيطية المنتجة في الشمال
عندما تكون القيود التجارية منخفضة، والدول الجنوبية تجذب صناعات أقل في هذه الحالة مما لو كانت تتبع سياسة التحرير متعدد الأطراف، وذلك لأنها لم تستفد من الوصول إلى سوق الدولة الشمالية أو المنتجات الوسيطية المنتجة في الشمال
وقد فشلت معظم اتفاقيات التكامل الإقليمي بين دول الجنوب بسبب النزاع على مواقع الصناعات وعلى مقدار التعويضات التي ستصرف بسبب الأضرار التي ستقع، فمثلا في عام 1957 كانت هناك 404 شركة في كينيا وذلك من أصل 447 شركة مسجلة في تجمع شرق افريقيا، وفي عام 1960 مثل القطاع الصناعي في كينيا نسبة %10 من إجمالي الناتج الإجمالي وكانت حصص الصناعة في الدولتين الشريكتين ( كينيا وتنزانيا ) هي %4 ،وقد انهار التجمع عام 1977 لأنه فشل في إقناع الأعضاء الأكثر فقرا بأنهم يأخذون قدرا مناسبا من المكاسب
لذلك نجد أن الاتفاقيات الإقليمية بين الدول النامية فيما بينها يتوقع أن تكون متواضعة ومحدودة على عكس الاتفاقيات التجارية التي تتم بين دول الشمال والجنوب كما رأيناها سابقا، فإنه من المتوقع أن تقدم فرصة أفضل للتنمية الصناعية وسرعة انتشارها على نطاق واسع واستفادتها من الوصول إلى الأسواق الأجنبية.
• الأثر الاستثماري ونقل التكنولوجيا :
كما رأينا سابقا فإن اتفاقيات التكامل الإقليمي بين دول الشمال المتقدمة ودول الجنوب النامية تؤدي إلى زيادة تدفق الاستثمارات إلى دول الجنوب سواء من دول الشمال الشريكة أومن العالم الخارجي، إلا أنه على النقيض من ذلك في حالة اتفاقيات التكامل الإقليمي بين دول الجنوب فيما بينها حيث يتوقع أن يكون تدفق الاستثمار بنسب ضئيلة ومحدودة لأن زيادة تدفق الاستثمار الأجنبي يرتبط أساسا بالتنمية الصناعية في دول الجنوب، كما أن اتفاقيات التكامل الإقليمي تكسب الثقة في السياسات الحكومية عموما وهذا يساعد على زيادة الاستثمار وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ونحن نشك أن تكامل الجنوب مع الجنوب يمكن أن يحقق ذلك وقد يعوق الاستثمار، إذا لم يصاحبه تحرير التجارة مع بقية أنحاء العالم
فنجد نقل التكنولوجيا يتوقف أساسا على أثر هذه التكتلات على التنمية الصناعية في دول أعضاء التكتل وزيادة جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وفتح المجال للمنافسة، إلا أنه يبقى نقل التكنولوجيا وتقدمها بين دول الجنوب المتكتلة أمرا متواضعا نظرا لافتقارها لوسائل التقدم التكنولوجي وتقص تشجيع البحث والتطوير.
• الأثر على التجارة والمنافسة:
يعتبر التوازن بين خلق التجارة وتحويلها من الأمور الحاسمة في تحديد الفائدة العامة لاتفاقيات التكامل الإقليمي، ونظرا إلى أن معظم الدول النامية تفرض تعريفة جمركية مرتفعة على التجارة فيتوقع أن يكون أثر تحويل التجارة المترتب عن إقامة مثل هذه التكتلات مرتفعا جدا، حيث تؤدي إزالة الحواجز الداخلية مع الاحتفاظ بها إزاء العالم الخارجي إلى تحويل الاستيراد من دول خارج التكتل إلى دول أخرى أعضاء لذلك اتفاقية التكامل الإقليمي بين دولتين ناميتين يحتمل فقط أن تخلق تباعدا تجاريا وليس رواجا تجاريا وهذا يمكن ملاحظته عندما تكون السلع متجانسة.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-