الصيد البحري في الجزائر

الصيد البحري في الجزائر


الصيد البحري في الجزائر

من الصعب تحديد معنى الصيد البحري في عبارة واضحة وقصيرة، ويعود سبب ذلك إلى اتساع مفهوم الصيد البحري بحيث يشمل عدد كبير من الممارسات البشرية مع الأحياء والثروات المائية المختلفة، سواء كان ذلك من خلال صيد الأسماك والكائنات البحرية المختلفة في المسطحات المائية المالحة كالمحيط والبحر أو في المسطحات المائية العذبة كالبحيرة، والنهر، وخزان السدود، بالإضافة إلى تربية الأسماك والكائنات البحرية المختلفة في البرك والبحيرات الاصطناعية بغرض تكاثرها وبيعها أو نشاطات الصيد الاصطناعي المتنوّعة.
تصنف بعض الحكومات الصيد البحري ضمن مجال الفلاحة رغم التباين الواضح في الفلاحة القائمة على اليابسة والصيد البحري القائم في الماء، بينما تقوم حكومات أخرى بتصنيف الصيد البحري ضمن مجال استخراج وتصنيع المواد الأولية.

أنواع الصيد البحري

يقسم الصيد البحري إلى عدّة أنواع كما هو موضح في النقاط التالية:

الصيد من المياه المالحة

  • الصيد الساحلي، وهو الصيد الذي ينفّذ على عمق لا يزيد عن 200م من عمق البحر بالقرب من مناطق الجرف القاري للقارات المختلفة، وغالباً ما تمتد رحلة الصيد من هذا النوع لنحو أسبوعين أو أقل، حيث تنطلق هذه الرحل على سفن صغيرة أو قوارب يستخدم الصيادون فيها وسائل مختلفة لصيد الكائنات البحرية ومنها الصنارة والشبكة وأكياس الجر، أمّا الكائنات البحرية التي يتمّ الحصول عليها عبر الصيد الساحلي فتتمثل في الأسماك، والجمبري، والقرنبيط.
  • الصيد من الأعماق، يحدث هذا النوع من الصيد في مناطق بعيدة عن اليابسة وفي المناطق العميقة من البحار والمحيطات على متن سفن ضخمة، وتكون هذه السفن مجهّزة بكافّة الوسائل المختلفة لحفظ الأسماك بداخلها من ثلاجات ومصانع خاصّة لتعليب بعض أنواع الأسماك كالتونة، وذاك لحفظها من التلف خلال رحلة الصيد الطويلة والتي تستغرق حوالي ثلاثة أشهر

الصيد البحري من المياه العذبة

يعتبر من طرق الصيد منخفضة التكلفة، حيث تعتمد على استخدام سفن صغيرة وتثبيت الشباك والمصايد في التيارات المائية التي تحمل الأسماك والإمساك بالأسماك من خلالها.

تربية الكائنات البحرية

يلجأ العديد من تجار الأسماك والكائنات البحرية كالقشريات والمحار إلى تربية الأنواع المختلفة منها في برك اصطناعية، وذلك بهدف زيادة أعدادها والتحكم في تكاثرها بكميات تكفي الصادرات والاستهلاك المحلي منها.

منتجات البحر الأخرى

لا تقتصر منتجات البحر على الأسماك والقشريات بل تتعدى ذلك لتشمل الأحياء الأخرى التي تعيش في المسطحات المائية المختلفة كالمرجان والإسفنج والعلق البحري، والتي تعتبر ثروات غنية تستغل وتستخدم في عدّة مجالات وصناعات، مثل استخدام العلق البحري في الصناعات الدوائية.

الصيد البحريّ في الجزائر

الصيد في اللغة هو مصدر كلمة صاد، ويُقال: اصطاد حيواناً؛ أي قَنصَه، وأخذه بحيلة، ومن الجدير بالذكر أنَّ الصيد يُوجَد على نوعَين رئيسيّين، هما: الصيد البرِّي الذي يعني: عمليّة قَنص، ومُطاردة الحيوانات البرِّية، كالأرانب، والطيور، والغزلان، ضمن ضوابط، وقوانين مُعيَّنة، والصَّيد البحريّ، وهو موضوع هذا المقال؛ حيث يُعرَّف بأنّه: عمليّة القبض على السمك، والموارد البيولوجيّة، والإمساك بها، سواء باستخدام مَصائِد طبيعيّة، أو اصطناعيّة، كما أنَّه يُمثِّل كلّ نشاط يرمي إلى جَمْع، أو قَنْص، أو استخراج موارد بيولوجيّة من المياه التي تُشكِّل وَسَط حياتها الدائم، ويُعتبَر نشاطالصيد البحريّ واحداً من أقدم النشاطات الإنتاجيّة التي مارَسَها الإنسان في سبيل إشباع مُتطلَّباته الغذائيّة، حيث كانت تتمّ باستخدام الوسائل البدائيّة.
وتُعتبَر الجزائر من الدُّول التي تشهد ازدهاراً كبيراً في قِطاع الصيد البحريّ؛ فهو يُمثِّل قطاعاً اقتصاديّاً، واستراتيجيّاً، ومصدراً مُهمّاً للازدهار الاقتصاديّ، ومجالاً للتقدُّم، والتنمية؛ فقِطاع الصيد البحريّ في الجزائر كفيلٌ بلعب دور رياديّ في الديناميكيّة الاقتصاديّة الحاليّة، والمُستقبليّة، كما أنَّه يُتيح العديد من فُرَص العمل، ويُوفّر آلاف الأطنان من المُنتَجات الصيديّة للسوق الاستهلاكيّة؛ ولذلك تسعى الجهات المُختَصَّة، ووزارة الصيد البحريّ، والموارد الصيديّة إلى ضَبْط، وإعادة هيكَلة، وترقية، وتوطيد مُختلَف نشاطات الصيد البحريّ.

خصائص قِطاع الصيد البحريّ

يتمتَّع مجال الصيد البحريّ في الجزائر بعدَّة خصائص، ويُمكن تقسيم هذه الخصائص إلى سياقَين، هما:

السياق البيئيّ

إنَّ لنشاطات الصيد البحريّ في الجزائر خصائص بيئيّة مُعيّنة، من أهمّها:
  • الظروف المناخيّة: حيث يسود المناخ المُناسب لنشاط الصيد البحريّ مُعظم أيّام السنة؛ إذ يُقدَّر عدد أيّام النشاطات، أو أيّام الإبحار بمُعدَّل 210 أيّام في السنة، ممَّا يدلُّ على وجود مُؤشِّر اقتصاديّ مَقبول لنشاطات الصيد البحريّ في مجال الرِّبح بشكل أكبر مُقارَنة بما يتعلَّق بأمن المِلاحة.
  • شكل الساحل: حيث تتميَّز الطبيعة الجغرافيّة للساحل الجزائريّ بوجود مناطق مُتنوِّعة، ومُعتبَرة، من حيث الشكل، والطبيعة، والعدد، بحيث تُوفِّر هذه المناطق ثروات طبيعيّة لا يُستَهان بها في قِطاع الصيد، والموارد الصيديّة، وأهمّ هذه المناطق:
    • الخلجان الكبيرة، والصغيرة.
    • مَناطِق رَطبة ساحليّة بمياه عَذبة، أو شديدة الملوحة.
    • أعماق رمليّة، ومُوحِلة، وحَصويّة.
    • سواحل رمليّة، وصَخريّة من شواطئ، أو أجراف.
  • الثروة والتنوُّع البيولوجيّ: ويُعَدُّ هذا التنوُّع البيولوجيّ من الخصائص البيئيّة؛ نظراً لما يلي:
    • تَسمح التضاريس الوَعرة للأعماق البحريّة في الجزائر بالحدِّ من الصيد البحريّ، وذلك باستخدام الشِّباك الكبيرة، ممَّا يُساهم في حِفْظ الموارد البحريّة، والحدِّ من الاستغلال المُفرط لها.
    • تُوفِّر التضاريس الوَعرة بيئة مُناسبة، ومناطق مُفضَّلة لعيش أنواع من الأسماك القيِّمة، والنادرة، مثل: سمك المار، والطرسطوج، بالإضافة إلى أنَّها تُوفِّر الموادّ الضروريّة لنُموّ الأنواع الحيوانيّة، مثل: الإسفنجيّات، والطحالب، والمرجان الأحمر.
    • يُوفِّر اتّصال المناطق الرطبة الساحليّة بالبحر تَنوُّعاً بيولوجيّاً قَيّماً؛ حيث تأتي العديد من الأسماك البحريّة، وتختلط مع الأنواع الأصليّة.

السياق الاجتماعيّ والاقتصاديّ

يتركَّز مُعظم سُكّان الجزائر في الجهة الشماليّة عند الشريط الساحليّ، ومن الجدير بالذكر أنَّ قُرب السكّان من المناطق الساحليّة يضمن استنزافاً سريعاً لمُنتَجات الصيد البحريّ، كما أنَّ المواطن الجزائريّ يميل إلى أكل السمك، والمنتوجات البحريّة؛ فقيمتها الغذائيّة عالية، والذوق الجزائريّ الرفيع يزيد الطلب على المُنتَجات البحريّة بشكلٍ كبير.

أنواع الصيد البحريّ

تتنوَّع أنشطة الصيد البحريّ في الجزائر بحسب منطقة الصيد، والأسلوب المُستخدَم فيه، وأهمّ هذه الأنواع:
  • الصيد البحريّ الحرفيّ: وهو الصيد الذي يُمارَس في الأعماق الوَعرة؛ باستخدام الشِّباك الصغيرة.
  • الصيد الساحليّ: وهو الصيد الذي يتمّ في المياه الساحليّة التي تتنوَّع بشكلٍ طوليّ، وعرضيّ، حيث يُمارَس فيها نوعان من الصيد، هما: الصيد باستخدام الشَّبك السطحيّ، والصيد باستخدام الشَّبك الجيبيّ؛ إذ تتركَّز مُعظم الموارد الصيديّة في المنطقة الساحليّة، وتُتيح لنشاطات الصيد البحريّ موارد صيديّة مُتنوِّعة، وغنيّة.
  • الصيد في أعالي البحار: وهو الصيد في عُرض البحر، وبمسافة تبعُد أكثر من 6 أميال عن الساحل، وهو على نوعين:
    • الصيد البحريّ نصف المُصنّع: وهو الذي يتمّ ضمن حدود (6-12) ميلاً بحريّاً عن الساحل، وتُستخدَم فيه سُفن صيد لا يزيد طولها عن 25م.
    • الصيد البحريّ المُصنّع: وهو الذي يتمّ ضمن حدود أكثر من 12 ميلاً بحريّاً عن الساحل، وتُستخدَم فيه سُفن صَيد يزيد طولها عن 35م.
  • الصيد في المُحيطات: وهو الصيد في المُحيط الأطلسيّ؛ حيث إنَّ الجزائر قريبة من المُحيط الأطلسيّ، فالمسافة بين مدينة وهران، ومَضيق جبل طارق أقلّ مُقارَنة بالمسافة بين الجزائر، وعنابة.

القانون الجزائريّ لضَبْط الصيد البحريّ

وَضعت الجمهوريّة الجزائريّة قانوناً يُحدِّد في بُنوده القواعدَ العامَّة لتنمية، وتسيير نشاط الصيد البحريّ، وتربية المائيّات، وذلك وِفق الالتزامات الدوليّة للدولة فيما يتعلَّق باستغلال الموارد البيولوجيّة، والمُحافظة عليها ضمن المياه الخاضعة للقضاء الوطنيّ، وفيما يلي ذكرٌ لأهمّ ما تضمَّنه هذا القانون:
  • يتمّ تطبيق أحكام القانون على:
    • كلّ شخص يُمارس الصيد البحريّ ضمن المياه الخاضعة للقضاء الوطنيّ.
    • كلّ شخص يُمارس الصيد البحريّ خارج الحدود المائيّة للدولة، عن طريق سُفن مُسجَّلة في الجزائر، وينطبق ذلك على كلّ نشاط يتعلَّق بتنمية الموارد البيولوجيّة، واستغلالها، والمُحافظة عليها.
  • تتمّ ترقية، وتنمية نشاطات الصيد البحريّ، وتربية المائيّات، وتشجيع الصيد البحريّ الذي تتمّ مُمارَسته خارج المياه الخاضعة للقضاء الوطنيّ، وترقية الصادرات؛ فهذه الأنشطة هي موضوع مُخطَّط وطنيّ، وعامل مُهمّ لدَعْم الدولة.
  • تُعتبَر الموارد البيولوجيّة التي تحتويها المياه المُحدَّدة مِلكاً للدولة، وتمتلك السُّلطة المُكلَّفة بالصيد البحريّ الصلاحيّات في تحديد كيفيّة، وشروط الصيد البحريّ، واستغلاله، وتسييره وِفق أحكام القانون، كما تتواصل السُّلطة المُكلَّفة بالصيد البحري مع السُّلطات الأُخرى المَعنيّة بمُتابَعة، وتحديد البرامج، والأعمال التي تتعلَّق بتنمية الصيد البحريّ، وتربية المائيّات.
  • يتمّ وَضْع مجموعة من الجهات، والأجهزة المُتخصِّصة في تنظيم قِطاع الصيد البحريّ، وتربية المائيّات، من قِبل الدولة، ومن هذه الأجهزة:
    • المجلس الوطنيّ الاستشاريّ الخاصّ بهذا المجال.
    • المركز الوطنيّ الخاصّ بهذا المجال.
    • هياكل للتكوين، والتنظيم في مجال الغَوص الاحترافيّ.
    • الغُرفة الوطنيّة الخاصَّة بهذا المجال.
  • يتمّ ضَبط عمليّات تربية، وتداوُل، وتسويق مُنتَجات الصيد البحريّ ضمن إطار الاستعمال المُستديم للموارد البيولوجيّة؛ وذلك من أجل مَنع الاستغلال المُفرط، وتجنُّب عواقبه، وحماية التنوُّع البيولوجيّ في البيئات المائيّة، والحدِّ من تبذير الموارد البيولوجيّة، وذلك من خلال استخدام تقنيّات مُتقدِّمة في الصيد، ومُمارَسة الصيد المسؤول؛ للحفاظ على البيئة.
  • تتمّ مُمارَسة الصيد البحريّ في المناطق الآتية:
    • المنطقة الخاصَّة بالصيد الساحليّ.
    • المنطقة الخاصَّة بالصيد في عُرض البحر.
    • منطقة الصيد الكبير.
  • يتمّ تنظيم، وتحديد مُمارَسات الصيد في المناطق الآتية:
    • المناطق المَحميّة من قِبل الدولة.
    • المناطق الخاصَّة بالدراسات، والتجارب العِلميّة.
    • الأحواض، والموانئ، ومناطق رَسو السُّفن.
    • المناطق القريبة من مُؤسَّسات استغلال الموارد البيولوجيّة البحريّة، كمُؤسَّسات التربية، والزَرْع.
    • المناطق القريبة من المُنشآت البتروليّة، والصناعيّة، والقريبة من المُعسكَرات الساحليّة.
    • المناطق الأُخرى المُحدَّدة من قِبل الدولة.
اطلع على جميع مواضيع الثقافة العامة لمسابقات التوظيف من هنا :

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-